عبر أكاديمية حسوب عندما تبدأ شركتك الناشئة بالنمو، فأنّك على الأرجح ستبدأ في مرحلة ما بالبحث عن التمويل الجريء Venture Capital (أو ما يُعرف برؤوس/صناديق المال المُخاطر). يمتلك المستثمر الجريء القدرة على كتابة صكوك تساوي قيمتها الملايين من الدولارات، بخلاف المستثمرين الأفراد، أو من يُسمى بالمستثمر الملاك angel investor، الذي يكتب عادةً صكوك تتراوح قيمتها بين 10 آلاف إلى 100 ألف دولار. وهذا يعني أنّ المستثمرين الجريئين يدعمون نمو الشركات الناشئة من مرحلة البذرة seed stage حتى المراحل المتأخرة later stage. ولأنّ المستثمر الجريء يوظّف كميات كبيرة من رأس المال ويتوقّع عائدات محددة، فإنّ عملية الحصول على تمويل من هذا الذي يُدعَى بالمستثمر المؤسساتي ليست بالهيّنة. تتعامل حاضنة المشاريع Techstars كثيرًا مع الشركات التي تسعى إلى الحصول على تمويل، وفي هذا المقال سنناقش بعض الأمور التي يجب عليك معرفتها كصاحب شركة ناشئة يسعى إلى الحصول على التمويل الجريء. 1. المشاريع المؤهلة للتمويل الجريء يعتقد معظم مؤسسي الشركات بأنّ أفكارهم مذهلة وتستحق التمويل. والحقيقة هي أنّ أغلب الأفكار تستحق نوعًا من التمويل، وليس بالضرورة أن يكون تمويلًا جريئًا. تمتلك الشركات المختلفة إمكانيات مختلفة، ولذلك تختلف كميات رأس المال المنطقية للاستثمار فيها. فإذا كان المشروع التجاري صغيرًا، كمطعم مثلًا، بالإمكان الحصول على قرض مصرفي، ولكن في هذه الحالة لا يُعتبر تمويلًا جريئًا لأنّ الزيادة المحتملة في قيمة المال upside عادةً ما تكون قليلة. يسعى المستثمرون الجريئون إلى توظيف الملايين من الدولارات والحصول على أضعاف مضاعفة من العائدات على رأس المال. ولهذا السبب يركّز المستثمرون الجريئون، بالإضافة إلى المؤسسين، على حجم السوق. فإذا لم يكن حجم السوق كبيرًا كفاية، لن يقوموا بالتمويل. لذلك ينبغي لجميع الشركات فهم وتحديد حجم السوق قبل السعي للحصول على تمويل. ولا يعني هذا أنّ إنشاء شركة بحجم سوق صغير أمرًا خاطئًا، فما زال بإمكانك الحصول على التمويل، ولكن ليس بالضرورة أن يكون عن طريق المستثمرين الجريئين. 2. حجم الصندوق وحجم الصك يجب عليك أولًا معرفة كيف يكسب المستثمرون الجريئون المال قبل أن تسعى إلى الحصول على رأس المال الجريء. يمتلك المستثمرون الجريئون شركاء عموميين General Partners وشركاء محدودين Limited Partners. يقوم الشركاء العموميون بإدارة المال بكفاءة، ويساهم الشركاء المحدودون برأس المال ويصبحوا بعدها مستثمرين خاملين. يتربّح الشركاء العموميون في صناديق رأس المال الجريء بطريقتين؛ من خلال الرسوم الإدارية (عادةً ما تساوي 2% من حجم الصندوق)، ومن خلال ما يُدعى بـcarry (عادةً ما يساوي 20% من العائدات). يتم توزيع الباقي بعد إرجاع كامل رأس المال إلى الشركاء المحدودين. ولهذا لا يكسب المستثمرون الجريئون المال حتى يتم إرجاع كل المال الأصلي. الآن لا بد من أنّك عرفت المبدأ الذي يقف وراء أهمية فهم الرابط بين حجم الصندوق، وحجم الصّك الذي يكتبه الصندوق. فلو كان حجم الصندوق 150 مليون، ليس من المنطقي كتابة صك بقيمة 100 ألف، لأنّهم لن يكونوا قادرين على توظيف رأس المال بسرعة كافية (التمويل الجريء النموذجي مُعدّ لتوظيف كامل رأس المال خلال 4 سنوات). وبالمثل، ليس من المرجح لصندوق بحجم 150 مليون أن يضع 30 مليون في جولة التمويل الأولى (series A) لشركة واحدة. فإذا كنت بحاجة إلى تمويل أقل من مليون، من الأفضل أن تبحث عن رأس المال الجريء الذي يُطلق عليه وصف Micro VCs؛ أي صندوق بحجم يتراوح من 10-50 مليون تحت الإدارة. وإذا كنت تحتاج إلى جولة تمويل أولى تزيد عن 5 مليون، عليك البحث عن صندوق بحجم يزيد على 150 مليون. تحرّ حجم الصك النموذجي والمواضع المثالية للمستثمر الذي تفكر في الدخول في شراكة معه. 3. دورة الصندوق وسرعته في بعض الأحيان يتم صرف الصندوق بالكامل. في هذه الحالة يكون الشركاء قد قاموا بتوظيف جميع رأس المال وهم في مرحلة البحث عن أموال جديدة (استثمارات إضافية) لضخّها في صندوقهم، لكنّهم لا يقومون بأي تمويل جديد. وهذه الحالة معقدة، لأنّ الشركاء لا يزالون يجرون الاجتماعات مع المؤسسين، لكنّهم لا يقومون بأي تمويل جديد. وبالمثل، تمتلك الصناديق سرعة محددة لتوظيف رأس المال. على سبيل المثال، يمكن أن يقوم الصندوق بصفقتين series A كل فصل (3 أشهر). وإذا قام الصندوق بأربع صفقات بالفعل في هذا الفصل، فمن غير المحتمل أن يقوم بصفقة أخرى. كلا الحالتين غير واضحتين بالنسبة لمؤسسي الشركات، ولكنّها نمطية. لذلك يجب عليك كمؤسس أن تسأل دائمًا عن العدد النموذجي للاستثمارات التي يقوم بها الصندوق لكل فصل/سنة، وعدد الاستثمارات التي قام بها بالفعل في هذا الفصل/السنة. 4. التقديم الودي (Warm Introduction) عندما يمتلك مؤسس الشركة إمكانية تقديمه إلى المستثمر الجريء عن طريق شبكة اتصالاته، سيكون بذلك اجتاز اختبار المصداقية الأساسي الذي يجريه المستثمر. لقد أصبحت رسائل البريد الإلكتروني الباردة (المباشرة) أو ملاحقة المستثمرين الجريئين من الطرق غير النموذجية لكي يتم تعريفك بالمستثمر على الرغم من أنّها ما زالت تُستخدم في بعض الأحيان. يتوقع المستثمرون الجريئون هذه الأيام أن يقوم المؤسسون باستخدام شبكات الاتصال الخاصة بهم للحصول على فرصة لتقديمهم. لماذا؟ لأنّ ذلك يؤكّد ثلاثة أمور؛ فهم المؤسس لكيفيّة عمل المستثمر الجريء، قدرته على السعي للحصول على فرصة لتقديمه، والأهم من ذلك، يؤكّد أنّ التواصل موثوق عبر شخص يعرف المؤسس بالفعل. يعي المؤسسون الناجحون أنّ التمويل يتحقق عندما يكون المستثمرون الجريئون متحمسين للصفقة، وكذلك عندما يكونون قادرين على التحقق من جميع الأمور لتخفيف المخاطرة في دعم تلك الشركة المحددة. لذلك أحرص على أن يتم تقديمك من طرف شخص يثق فيه شركاء الصّندوق لكي تقلل بعض المخاطر. 5. رغبة المستثمر بالتعرف عليك يفضّل المستثمرون الجريئون التعرّف على المؤسس أولًا ومراقبة طريقته في التنفيذ وإحراز التقدم قبل أن يُقْدموا على التمويل. ولذلك لا يُكتب الصك في الاجتماع الأول، إلا إذا كان المؤسس رائد أعمال بماضٍ حافل بالنجاحات ويخشى المستثمر تضييع الصفقة. وكما ذكرت سابقًا، يسعى المستثمرون الجريئون إلى تقليل المخاطر. فإذا كنت مؤسسًا مستجدًا، ستقل تلك المخاطر عندما يتعرّف المستثمر على طريقتك في العمل ويراقب تنفيذك بمرور الوقت. أمّا إذا كنت مؤسسًا رائدًا في مجالك وعملت مع مستثمرين جريئين من قبل فستقلّ تلك المخاطر تلقائيًا. يستفيد المؤسسون الناجحون من اهتمام المستثمر في التعرف عليهم بضرب عصفورين بحجر واحد. فهم لا يبحثون عن التمويل فحسب، وإنّما عن شركاء يشاركونهم رحلة بناء الشركة. كما يدركون أنّه ليس كل الشركات، ولا كل الشركاء سواء، ويستخدمون هذا الموقف لمعرفة المزيد حول تلك الشركة أو ذلك الشريك ولعقد الصفقة إذا كان الاهتمام متبادلًا. 6. الشريك الأساسي يجب ألّا ننسى أنّ المستثمرين الجريئين بشر أيضًا، وأنّنا عندما نتعامل مع شركة، فإنّنا نتعامل مع شركاء فعليين. ويجب أن يتحمّس أحد الشركاء بما فيه الكفاية ليعقد الصفقة. هنالك العديد من الأمور التي تؤخذ في الاعتبار. أولًا، يركّز كل شريك على مجال واحد أو أكثر. مثلًا، إذا كان أحد الشركاء متخصّص في الشركات الناشئة المُوجّه للمستهلكين، فليس هنالك سبب يدفعه لكي يتحمّس حول شركة أدوات تطوير. وبصورة عامة، هنالك اختلافات في تخصّصات الشركاء، ومن المهم فهم هذا الأمر بصورة صحيحة. اطلّع على النبذة التعريفية لكل شريك على موقع الصّندوق، وادرس خلفيته. ما الذي قام بتمويله في الماضي؟ وما الذي أنجزه في حياته المهنية من قبل؟ عندما تطلّع على هذه الأمور مقدمًا ستوفّر الكثير من الوقت الذي ستضيّعه فيما لو اخترت الأشخاص غير المُناسبين. بعض الشركاء والممولين مستثمرون يركّزون على مجالات بعينها. أي أنّهم يركزون على سوق معيّن لمدة 12-18 شهرا. مثلًا، يركّز بعض الأشخاص على العملات التّشفيرية crypto currencies، أو الواقع الافتراضي virtual reality أو بعض الاتجاهات الحالية الأخرى. وبعض الشركاء لا يركّزون على اتجاه معيّن، ولكنّهم يركّزون بدلًا من ذلك على سوق متخصّص vertical market معيّن وبشكل دائم، مثل مشاريع البرمجيات كخدمة SaaS، التجارة الإلكترونية e-commerce، أدوات التطوير، إلخ. أمّا معظم الشركاء في صناديق التمويل الكبرى فيفضّلون الاستثمار في أكثر من سوق متخصّص، وبذلك يغطي الصندوق مدى واسع من القطاعات. وبالإضافة إلى مجالات التخصّص، فإنّ كل شريك له قدرة معيّنة. يأخذ معظم المستثمرين الجريئين في الصناديق الكبيرة مقعدًا في مجلس الإدارة ونادرًا ما يكونون قادرين على التعامل مع أكثر من 10 استثمارات بطريقة بنّاءة. وهذا الاتجاه يأخذ بالتغيّر إلى حد ما، لأن المستثمرين الجريئين لا يأخذون مقاعد في مجلس الإدارة في بعض الأحيان، لكنّ هذا الأمر مهم ويجب على المؤسسين أن يولوه اهتمامًا. فإذا كان الشريك يمتلك بالفعل العديد من الاستثمارات، من الممكن ألّا يكون قادرًا على القيام بتمويل جديد. مرّة أخرى أذكرّك بإلقاء نظرة على صفحة النبذة التعريفية للشريك. 7. عملية التمويل يجب على المؤسس أن يدرك أمرًا هامًا جدًا، وهو أن المستثمر الجريء يمتلك نهجًا معينًا يتخذه في عملية التمويل، وهناك أوجه تشابه واختلاف بين الشركات. تعتمد معظم الصناديق على اجتماعات الشّركاء للموافقة على التمويل. تُقام اجتماعات الشّركاء في يوم الإثنين عادةً، وتستغرق نصف يوم أو يومًا كاملًا. يناقش الشركاء خلال الاجتماعات عمليات التمويل الجارية والموافقة على التمويلات الجديدة. وهدفك كمؤسس أن تفهم كيفيّة الوصول إلى اجتماعات الشّركاء هذه، ومن ثم الحصول على موافقة على التمويل. قد تتطلب الصكوك الأساسية لبدء عمل جديد أو تأسيس شركة Seed Checks التي تتراوح قيمتها من 250 ألف دولار إلى 750 ألف دولار عددًا قليلًا من الاجتماعات قبل اجتماع الشراكة، أقل بكثير من صكوك جولات التمويل الأولى Series A وما فوقها. وبالنسبة للصناديق التي تكتب تلك الصكوك، قد تتطلب عملية التمويل من 2-3 اجتماعات قبل اجتماع الشراكة حيث يكون الهدف الحصول على شريكين متحمّسين. بعدها يمكن أن يحصل المؤسس (ويمكن ألّا يحصل) على دعوة لحضور اجتماع الشّركاء قبل الموافقة على التمويل. أمّا بالنسبة لتمويل المراحل المتأخرة Later Stages، سيتطلب الأمر اجتماعات إضافية قبل اجتماع الشركاء. وستشتمل خطوات التمويل على دراسة خلفية أعمق due diligence، اجتماعات مع شركاء إضافيين، بحوث متعمّقة تُجرى من طرف المحللين، محادثات مع العملاء، دراسة السوق، وغيرها من الأمور. وبشكل أساسي، تشكّل اجتماعات الشّركاء الخطوة الأخيرة قبل وثيقة الشروط في عمليات تمويل المراحل المتأخرة. 8. وثيقة الشروط Term sheet والتحقق المعمق من الخلفية Due Diligence يقوم المستثمر عندما يقرر تمويل شركة معيّنة بعرض وثيقة الشروط على المؤسس. تحدّد هذه الوثيقة جميع الشروط الاقتصادية والحاكمة في التمويل، وعادةً ما تتضمن على تقييم الشركة، حقوق المستثمر، تكوين المجلس، الأسهم المخصصة للتوظيف المستقبلي option pool، حقوق التصويت، وغيرها من الأمور. إنّ الغرض من وثيقة الشروط هي تغطية جميع الشروط المهمة للمشروع. ولهذا السبب توضّح وثائق الشروط الجيّدة كل شيء وتتجنّب المفاجآت التي تظهر بمجرد صياغة وثائق التمويل الكاملة. تختلف وثائق الشروط حسب المستثمر وهي معقّدة بعض الشيء، لذلك ستحتاج دائمًا إلى التشاور مع المحامين وتأخذ وجهة نظرهم حولها. وفي نفس الوقت، من المهم أن يفهم المؤسسون الشروط الأساسية وما الذي هم مقدمون على الاشتراك به. لذلك نوصي بشدّة قراءة كتاب Venture Deals الذي ألّفه كل من Brad Feld و Jason Mendelson لكي تفهم وثائق الشروط بشكل كامل. بعد أن تتم الموافقة على وثيقة الشروط وتوقيعها، تأتي عملية صياغة وثائق التمويل والتّحقق المُعمّق من الخلفية Due Diligence . بالنسبة للشركات في المراحل المتأخرة للنمو، يمكن أن تكون عمليّة التّحقق المُعمّق من الخلفية مُعتبرة وطويلة تستغرق 2-4 أسابيع. وواجبك هنا هو أن تكشف عن كل شيء. وّفر جميع المعلومات اللازمة، واستعد لجميع الشؤون المالية، اتفاقات العمل، العقود، مواد الملكية الفكرية، باختصار أي شيء وكل شيء يمكن تضمينه في هذه العملية. وهذه الأمر اعتيادي لا يقتصر على شركتك فحسب. وهذا هو ما يلزم للحصول على تمويل بملايين الدولارات من المستثمر الجريء. كانت هذه نظرة عامة ومتقدّمة حول بعض الأمور التي يجب أن تؤخذ في الاعتبار، وقد تكون تجربتك الفعلية أكثر دقة وتنوعًا. الحصول على التمويل الجريء ليس بالأمر الهيّن، لكنّه من المفيد جدًا أن تعرف تفاصيل الأمر قبل أن تُقدم عليه.
0 Comments
ريادة الأعمال = الرصاصة السحريةأصبحت ريادة الأعمال تمثّل الرصاصة السحرية لحل العديد من التحديات الإقتصادية الأكثر إلحاحاً في منطقة الشرق الأوسط، كخلق فرص عمل، والقضاء على البطالة، ودعم التنويع الإقتصادي وتعظيم التنافسية. حيث يعتبر إنشاء المؤسسات الصغيرة مرادفا لدفع عجلة النمو الإقتصادي وتعزيز قدرات الإبتكار المحلية، وذلك بالسير على خطى إقتصادات متقدمة مثل سنغافورة وكوريا الجنوبية والولايات المتحدة الأمريكية. لذلك نجد من بين عشية وضحاها أصبح أصحاب المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في الشرق الأوسط أبطال ونجوم يعرضون قدراتهم في المخاطرة من خلال إطلاق مشاريعهم الناشئة وسرد قصص نجاح محلية من شأنها أن تشجع الآخرين على أن يحذوا حذوهم ولكن تحقيق النمو الاقتصادي وخلق فرص الأعمال من المؤسسات الناشئة ورواد الأعمال ليس لعبة أرقام، إنما يتأتى من خلال تحفيز تأسيس مؤسسات ذات نمو مرتفع وجودة عالية. ينبغي على واضعي السياسات وقف دعم إنشاء النموذج التقليدي من المؤسسات الصغيرة والتركيز على مجموعة المؤسسات الناشئة ذات إمكانية النمو (High potential startup)" سياسات الدعم والهدف المنشودعدد قليل من الناس يتساءل عما اذا كانت هذه الفرضية التي تقود إلى تشكيل اقتصادات مبنية على ريادة الأعمال في الشرق الأوسط مجرد وهم! وهل سياسة زيادة المخزون من المؤوسسات الصغيرة والمتوسطة قد يعرقل النمو الإقتصادي والإبتكار وخلق فرص العمل؟ بعد ما تقدّم، وبينما تقدّر الحصة الإجمالية للتوظيف في المشاريع الصغيرة والمتوسطة في منطقة الشرق الأوسط عند مستوى 71%، تُساهم هذه الأعمال التجارية في إجمالي الناتج المحلي بما نسبته 28% فقط، والذي بدوره يُعد أقل من المعايير الأوروبية التي تصل بين 50-60%. هذه الأرقام تُنذر بالخطر عند التركيز على دول مجلس التعاون الخليجي؛ حيث يُعتبر ما يُقارب 764 ألف شركةً أو ما يقارب 95% من جميع الأنشطة التجارية في المملكة العربية السعودية فقط مؤسسة صغيرةً ومتوسطة حسب التعريف الوطني الحالي. وبينما توظف المشاريع الصغيرة والمتوسطة حوالي 82% من إجمالي القوى العاملة، يظل مساهتمها في إجمالي الناتج المحلي أقل من 16%. وبالمقارنة مع دُبي، تمتلك دبي 72 ألف مؤسسة صغيرة ومتوسطة، حيث توظف 42% من القوى العاملة، وتساهم بما مقداره 40% في الناتج المحلي الإجمالي وعلى الرغم من السعي الحثيث من قبل الحكومات لدعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في المنطقة، يوجد نقص في الأدلة العلمية التي تبرر تدفق الموارد الموجهة نحو دعم إنشاء مؤسسات جديدة. وفي ظل غياب بيانات دقيقة، فإن أثر سياسات تنمية ريادة الأعمال ودعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في خلق فرص عمل و قيمة إقتصادية ملموسة يظل مبهم. تسعى سياسات تنمية القطاع بالتنقل العشوائي بين دعم نمو المؤسسات الصغيرة والمتوسطة القائمة وتحفيز زيادة عدد المؤسسات الناشئة، متجاهلة الى حد كبير التفاوت بين سياسة تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وسياسة تنمية ريادة الأعمال الأمر الذي أدى إلى تضارب في النتائج المرجوة. من ناحية، تميل سياسة تنمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة للتأثير الإيجابي على المكون الإجمالي لعدد المؤسسات القائمة ضمن بيئة الأعمال، وتستهدف مباشرة مؤسسات بعينها أو قطاعات محددة. وتُوجّه سياسة تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بشكل عام من أجل تحسين القدرة التنافسية لبيئة الأعمال ككل، مما يتيح لهذه المؤسسات بأن تنمو و تستحوذ على المزيد من الفرص وتطور قيمتها السوقية. في المقابل، تركز سياسة تنمية ريادة الأعمال على الأفراد، والسلوك الفردي وتحفيز الفكر الريادي. وتهدف هذه السياسة إلى زيادة المعروض من رواد الأعمال الأكفاء وهو الأكثر فعالية في المراحل المبكرة من عملية تنمية ريادة الأعمال، بما في ذلك مراحل تنشئة الأعمال، و تستهدف في ذات الوقت تطوير ثقافة العمل الحر في جميع أطياف المجتمع ولكن، عندما تتدخل الحكومات لخلق المؤسسات الناشئة هل تقوم بتشجيع إنشاء النوع المطلوب من المؤسسات، بقيادة النوع الصحيح من رواد الأعمال؟ وهل الحوافز المقدمة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة تصل للمشاريع ذات العائد الإيجابي على إنتاجية الإقتصاد ككل، أم انها تستخدم كشبكة إجتماعية لمكافحة البطالة؟ التحول من إقتصاد الكفاءة إلى إقتصاد المعرفة والإبتكارويمكن أن يعزى زيادة معدل المؤسسات الناشئة إلى الإنتقال من النشاط الإقتصادي القائم على الكفاءة العالية إلى النشاط الإقتصادي القائم على الإبتكار. فالإقتصادات التي تحركها الكفاءة مثل المملكة العربية السعودية و (سلطنة عمان، في رؤيتها الإقتصادية) لديها بنية إقتصادية تعتمد على الصناعات الثقيلة وقاعدتها الصناعية. هذا النوع من البيئة لديه علاقة سلبية مع نشاط إنشاء المؤسسات، حيث أن متطلبات رأس المال لإفتتاح مشروع تجاري تعد مرتفعة و الإجراءات معقدة، كما أن القطاع الحكومي والقطاع الخاص يفضل التعاقد مع الشركات الكبيرة. لذلك نجد بأن المعدل الأكبر للمؤسسات الناشئة هي مؤسسات فردية وتعمل ضمن قطاعات ذات محدودية القيمة المضافة، وحواجز دخول منخفضة (low barrier to entry) ومعدلات فشل مرتفعة (high rate of failure) . كما أن مساهمتها في إجمالي الناتج المحلي لا يتعدى 16% و أغلبها مؤسسات متناهية الصغر غير قابلة للتوسع. إذا بقت على قيد الحياة فإن فرص توسعها ضئيل جداً لأن نموذج عملها مبني على توليد ما يكفي من الإيرادات لإشتقاق راتب لصاحب المؤسسة فقط ولكن من الواضح أن هذا النوع من المؤسسات الناشئة ليس النوع الذي تسعى برامج الدعم الحكومية لخلقه. لذلك وقبل الإنتقال إلى إقتصاد قائم على الإبتكار لابد من نقل الدعم لتلك المؤسسات التي تمتلك المعرفة. لتصبح المعرفة هي مصدر رأس المال وتخلق الثروة الإجتماعية والإبتكار. وفي قلب هذه العملية التحويلية نجد رواد الأعمال علاقة الثراء الإقتصادي بريادة الأعمال في الجانب الآخر، عندما تزيد الثروة الإقتصادية للدول، تجد بأن الأفراد أقل ميولاً للمشاركة في النشاط التجاري، حيث ترتفع تكلفة الفرصة والمخاطرة. ومن خلال تعزيز دور القطاع الخاص وحثه على التوسع في التوظيف، نصل إلى نتائج متضاربة. مع توسع القطاع الخاص، كذلك تتوسع فائدة العمل كموظف، لأن هذا النوع من المؤسسات الكبيرة سوف تقدم أجورا أعلى و تضمن للموظف الدخل وعدد من الميزات التي لا يمكن ان تقدمها المؤسسة الناشئة. وبذلك نجد أن الكفاءات الموهوبة من الأفراد والذين لديهم الصفات المرتبطة بنجاح المشاريع الريادية يفضلون العمل في وظيفة مضمونة، الأمر الذي يقلص من عدد الكفاءات والمواهب المتاحة لإنشاء عمل حر من رأس المال البشري. وهذا ما يعرف إقتصادياً ب"سحب الإزدهار" (Prosperity-pull) ، عندما يسود الإنتقال من صاحب عمل إلى عمالة مأجورة في ظل الظروف الإقتصادية. إن السياق البيئي والمؤسسي متأصل في هذا التحول الهيكلي. إذا الأنظمة والحوافز لا تدعم وتحمي بشكل كاف أصحاب المشاريع ذات إحتمالية النمو العالي، فإن فجوة المخاطرة مقابل المكافأة تصبح كبيرة. في هذا الصدد، لا بد من وضع سياسة في المكان الذي لا يعتمد فقط على ظهور المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الإنتاجية والمبتكرة، ولكن تقديم حوافز مماثلة لتلك التي سيتم طرحها ضمن الشركات الكبرى لضمان تحفيز أصحاب المشاريع الناشئة لكن هذه الحوافز تؤثر على التكلفة. فكلما بسّطت هذه المؤسسات إجراءاتها ووفرت التدريب وعززت توفير رأس المال، كلما أصبح من المحتمل أن تؤسس لمؤسسات تجارية جديدة تُساهم بالقليل في الأهداف الإقتصادية. بينما يُعرف هذا الأمر "بالركود" “Recession Pull” ، تُصبح سياسات المؤسسات الناشئة برنامجاً نشطاً لعمالة السوق، وخصوصاً عند تفشي البطالة. إن عند السعي لمحاربة البطالة في ذات الوقت الذي يتم فيه خلق أنشطة تجارية نشطة وجديدة، ينتج عن هذا الأمر غالباً أن يقفز الباحث عن عمل على التيار ليُصبح ذاتي العمل (يعمل عملاً حراً)، وهذا ما يُعرف بــ "ريادة الأعمال المقنّعة". فالوعود بالحصول على رضاء وظيفي مرتفع وساعات عمل مرنة وإمكانية التتويج بلقب "رائد أعمال" تُعد عوامل أكثر تحفيزاً كتلك عند ضمان فرصة تجارية محتملة مؤشرات قياس نشاط ريادة الاعمالتُعد أمثلة الإنتقال من وضع البحث عن عمل إلى العمل الحر نتيجةّ لمخرجات سياسة ريادة الأعمال التي كانت منتشرة في الإتحاد الأوروربي والولايات المتحدة الأمريكية، حيث يركز واضعي السياسات على معدلات المؤسسات التجارية الناشئة كمؤشر للتعرف على صافي عدد الشركات المؤسسة، والذي بدوره يُعد مؤشراً لقياس نشاط ريادة الأعمال. من ناحية أخرى، لا يوجد أي دليل تجريبي مُقنع يوضّح بأن الزيادة في الأعمال الحرة أدّت إلى خلق الوظائف والإبتكار أو النمو الإقتصادي. بل في حقيقة الأمر، وجدت العديد من الدراسات بأنه في الولايات المتحدة الأمريكية، وبالرغم من قانون المؤسسات الناشئة وإجراءات الأعمال التجارية الصغيرة المؤثرة، بأن الغالبية العُظمى من الأعمال التجارية الصغيرة لا ترغب في الإبتكار وليست تنمو من حيث الحجم ولا تُريد التوسّع. وأكّدت "مؤسسة كوفمان" وأحد الأباء الروحيين في بحوث ريادة الأعمال "وليام بومال" هذا الأمر في دراسة صدرت مؤخراً، حيث وضّح الإثنان بأن النوع الوحيد للأعمال التجارية الصغيرة هي تلك التي تجلب للسوق إبتكارات جديدة في المنتجات والعمليات والأفكار. ويُصنّف البقية كـ "روّاد أعمال مكررين"، حيث يستجيبوا بشكل رئيسي للطلب المحلي ولثراء السُكّان. ولذلك، يُعدّوا ظواهراً للإقتصاد النامي، عوضا على أن يكونوا الجذور المسببة لنمو هذا الإقتصاد
وبشكل متوازي، عوضاً عن جذب روّاد أعمال حقيقيين، تُحفّز مشاريع الدعم والتحفيز الحكومية الأشخاص للبدأ بأعمال تجارية صغيرة في قطاعات ذات عوائق منخفضة للدخول إليها. يُقصد "بالعائق المنخفض للدخول" الصناعات عالية التنافسية؛ والتي بالمقابل تتسبب في عدد متباين من الأخطاء التجارية. على سبيل المثال، الطفرة التقنية الرقمية الأخيرة التي اجتاحت دول مجلس التعاون الخليجي وإقليم بلاد الشام. ما هي الفرص الحقيقية للنجاح والتوسع؟. حيث وُلدت مؤسسات التكنولوجيا الناشئة مباشرة ضمن سوقٍ سريع الحركة وعالي الإضطراب. فبينما تُعد متطلبات رأس المال المبدأي لتأسيس عمل تجاري على الإنترنت منخفض نسبياً، تُعد خبرة ما-قبل-الدخول والتوقيت واستراتيجيات تقنية المنتج والعمليات مهمةً لاستمرار العمل التجاري. إضافة إلى ذلك، تتمحور ريادة الأعمال الرقمية حول المستهلك وتعتمد على الزبون، بحيث أن أي تغيير في توجهات المستهلك قد يؤدي إلى زوال العمل التجاري. ففي ظل تزايد موجة المؤسسات الرقمية الناشئة، سيتم القضاء باستمرار على عوائق الدخول وسيصبح السوق أكثر تنافسيةً. لذلك، ستتمكن تلك المؤسسات الناشئة فقط تلك القادرة على التدرج وتكييف نماذج أعمالها التجارية لخلق مميزات إيجابية رئيسية مقارنة مع منافسيها من البقاء في خضم الذروة الذهبية الرقمية الأولية يتمثل الواقع المحزن عند تحفيز الأشخاص ليصبحوا رواداً للأعمال، أن يقوم واضعي-السياسات في المنطقة أيضاً بتحفيز كمّا ضخماً من الإخفاقات التجارية، وهذه هي مخرجة واحدة من مجموعة مخرجات عملية التدمير الإبداعي لـ "شمبيتير". فبينما تُصبح الصناعات أكثر تنافسيةً، تفشل الشركات الغير قادرة على الإبداع، مما يجعل الشركات المفترسة تتغذى على الشركات الضعيفة. ففي واقع الأمر، تمثل هذه العملية ضرورة إقتصاديةً للأقاليم والصناعات لتصبح تنافسية، لكنها تُعطي شعوراً زائفاً بالأمان لروّاد الأعمال المحتملين الذي تُغريهم فكرة الثروة والرضاء الوظيفي وإثبات الوجود. توضّح العديد من الدراسات التي تم القيام بها في الولايات المتحدة الأمريكية بأن المؤسسات التجارية الصغيرة تستمر لمتوسط (سنتين) كدورة حياة قبل الفشل. فإذا لم تنمو هذه المؤسسات إلى شركات سريعة النمو أو إذا لم تستمر إلى ما هو أبعد من هذه النقطة، فإن هذه المشاريع الصغيرة والمتوسطة لن تتوسع في العادة. فبينما يستخدم رواد الأعمال الحقيقيون الذين سبق لهم الفشل إعادة استثمار مواردهم لاستغلالها في فرص تجارية جديدة، سيرجع الغالبية العظمى من أولئك الساعين ليصبحوا رواداً للأعمال إلى الوظائف مدفوعة الأجر ما الذي يعنيه هذا الأمر لمنطقة دول مجلس التعاون الخليجي؟ أولاً، يجب تجميع بيانات ليس حول معدّل نشاط المؤسسات الناشئة فحسب، بل حول معدّل موت الشركات أيضاً. وفي المقابل، تُعد مؤشرات حجم الموظفين وتوسع الأعمال التجارية الأعمدة الرئيسية لفهم تحولات وتقلبات القطاع. فعندما لا يتوفر هذا النوع من البيانات، ستستمر المؤسسات في هدر مواردها في أعمال وقطاعات تجارية ذات معدلات مرتفعة الإخفاق ومساهمة محدودة في الإنتاجية الإقتصادية ثانياً، يجب إستئصال مشاريع ريادة الأعمال والسياسات المبنية على مبدأ "مقاس واحد يُناسب الجميع"، حيث يجب أن يكون التمويل والبرامج موجهاً نحو قطاع محدد ويستهدف تلك المشاريع ذات إمكانية النمو المرتفع. أيضاً، من المهم بناء رؤية واضحة حول ما هيّة الصناعات التي ستمثل عصب النمو الإقتصادي وإعطاء الأولوية لبناء سياسات المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وريادة الأعمال حول الاستراتيجيات الصناعية التي تستهدف القطاع، وذلك لضمان التوزيع الفعّال للموارد العامّة وتحديد التدخلات الإقتصادية الهامّة. إضافة إلى إستراتيجيات توطين القوى العاملة وتعزيز القدرات الإستيعابية للقطاع الخاص ستصبح ضرورية لاستيعاب القوى العاملة التي فشلت في مساعيها في مجال ريادة الأعمال أخيراً، ينبغي إعطاء سياسة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة التي تسعى لتوسيع الأعمال التجارية الحالية إهتماماً مساوياً (إذا لم يكن أكثر من ذلك) بسياسات ريادة الأعمال، حتى تتمكن الإقتصادات من تطوير سلسلة القيمة للقطاعات الصناعية التنافسية والإنتاجية لا يمكن الجدال في حقيقة خلق المشاريع التجارية الجديدة لوظائف جديدة. فمنذ أن قام "بيرش" بدراسته المؤثرة في عام 1987م التي أوضّح من خلالها بأن 82% من نمو الوظائف في الولايات المتحدة الأمريكية في الفترة 1981-1985 يُعزى إلى الشركات التي لديها عدد موظفين أقل من 20، إتخذ واضعي السياسات المشاريع التجارية الصغيرة كحل لأي إنكماش يصيب التوظيف. لكن فشل واضعي السياسات في الإنتباه بأن أغلب الشركات التي قام "بيرش" بمسحها في دراسته والدراسات التي أعقبت ذلك كانت في واقع الأمر أغلبها الشركات العاملة في القطاع التصنيعي والتي ساهمت في طفرة التوظيف. عند الرجوع لبيانات مكتب التعداد الأمريكي، وجدت أحد الدراسات الأخيرة لمؤسسة "كوفمان" بأن المشاريع الصغيرة التي استطاعت إجتياز المرحلة الأولية ساهمت في خلق الوظائف، لكنها وبالرغم من تحفيز السياسات حققت ذلك الأمر بسرعة أقل مقارنة بعام 2002 . في عام 2002م، توظف المؤسسات الناشئة الطبيعية 10.8 أشخاص خلال السنتين الأولى من دورة حياتها، لكن توضح البيانات بأنه منذ عام 2010 ينخفض هذا الرقم إلى 8 أشخاص. دراسة أخرى قام بها البنك الدولي مسح من خلالها 47,745 مؤسسة صغيرة ومتوسطة في 99 دولة بمساهمة الشركات التي توظف من 5-250 موظفاً بنسبة 66.7% توظيف بدوام كامل. إلا أن الشركات الأصغر من عمر سنتين ساهمت بمتوسط يكاد لا يذكر بنسبة 4.78% في التوظيف ماذا يوضّح لنا هذا الأمر؟. يُشير هذا الأمر،ضِمنياً، بأن الشركات الناشئة في مجال ريادة الأعمال الجديدة ليست من يُساهم في خلق وظائف جديدة، بل هي المؤسسات الصغيرة والمتوسطة. فالشركات الصغيرة التي مضى على تأسيسها 10 أعوام، إذا ما كانت لديها القدرة على التوسع، تُساهم بنسبة أكبر في خلق فرص توظيف جديدة مقارنةً بالشركات الناشئة. يتحقق نمو الوظائف الذي تخلقه الشركات الجديدة خلال السنة الأولى من التأسيس، ثم بعدها تخسر الشركات وظائف أكثر بعد السنة الأولى كلما فشلت، ويتضاعف الأمر عند توسع الشركة. لذلك وعبر دعم تأسيس أعمال تجارية جديدة، تُحفز الحكومات بشكل نشط تدمير الوظائف. إضافةً إلى ذلك، تدعم دراسة البنك الدولي حصة بيانات المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في دول مجلس التعاون الخليجي، حيث توضح وجود علاقة سلبية في مساهة المشاريع الصغيرة والمتوسطة في إجمالي الناتج المحلي، وعلاقة إيجابية تجاه الحصة الإجمالية للتوظيف بطبيعة الأمر هناك بعض الإستثناءات في هذا التوجه، ألا وهي الشركات التي يُشار إليها بأنها سريعة النمو أو عالية التأثير. تنمو هذه الشركات بمعدل مضطرد وتُساهم بما مقدراه 58% من التوظيف الذي تنتجه الشركات الصغيرة. إلا أن هذا النوع من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ليست مؤسسات ناشئة جديدة؛ وفي حقيقة الأمر يبلغ متوسط عمرها 25 عاما. ويبلغ عمر أقل من 3% من الشركات الصغيرة عالية التأثير 4 سنوات فأقل إن الآثار المترتبة لهذه النتائج تُعد هائلةً تجاه تشكيل سياسات المشاريع الصغيرة في دول مجلس التعاون الخليجي ومنطقة الشرق الأوسط. بينما يتمثل السعى خلف تحقيق نمو عال مُحتمل، لا ينبغي تنحية الشركات عالية التأثير جانباً، بل يجب أن يوجّه التدخل نحو دعم نمو وتوسع المشاريع الصغيرة والمتوسطة القائمة إذا ما كان الهدف خلق وظائف جديدة. فالمؤسسات الصغيرة والمتوسطة والمؤسسات الناشئة قادرةٌ على جلب رأس مال المعرفة والإبتكار إلى الطاولة إذا ما مُكّنت من العمل في بيئة تُساعدها للقيام بذلك. إن المشاريع الصغيرة الجديدة لديها القابلية في جلب منتجات وعمليات وأفكار إبتكارية جديدة تُساهم في نظام الإبتكار البيئي، بينما لدى المؤسسات الصغيرة والمتوسطة القابيلة في المُساهمة في التوظيف وإجمالي الناتج المحلي لابد من تحفيز نماذج حقيقية لأنشطة ريادة الأعمال، حيث بالإمكان تحقيق هذا الأمر في المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والمؤسسات الناشئة. إلا أنّه يجب أن تكون موارد تحفيز تلك الشركات الصغيرة عبر تمويل وبرامج محددة؛ وذلك لرفع فرصها في البقاء والنمو. وفي ذات الوقت وبينما تُشكل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة جزءً مضافا للقطاع الخاص، يجب إعطاء الأولوية للتدابير التي من شأنها أن ترفع من معدل تلك المؤسسات في إمتصاص العمالة وقدراتها الإبتكارية. فبينما تستفيد منطقة دول مجلس التعاون الخليجي من قاعدة التصنيع القوية، يُشير هذا الأمر بكل وضوح إلى توجيه تأسيس المشاريع التجارية في هذا القطاع. فإذا لم يتم إعداد هذا الأمر ضمن رؤية طويلة الأمد قابلة للتطبيق، سيصبح البحث عن عوائد الإستثمار السريعة وقصيرة-الأجل دليلاً فقط على الضرر بالنظام البيئي ككل، كما أنه سيقود إلى فشل الأعمال التجارية وتدمير الوظائف Key to Oman's future is to get rid of the static public versus private sector debate. Both sectors are crucial. The question is how to promote synergetic partnerships which allow the private sector, in its engagement with the public sector, to remain courageous, strategic and set the direction of change, rather than only de-risking, facilitating, administering, subsidizing and incentivising. Whether we are looking at education, health, transport, culture, renewable energy or the future of Eco-tourism, the problem should not be ‘opening up to the market' but how to structure and shape the market, through public and private investments, in such a way that allows a sector to become more dynamic, innovative and investment driven.
Instead, because investments are driven by the public sector, and the private sector is there to only execute as directed or save the day when things go wrong (bringing into the private sector the ‘bad’ toxic side of the equation, allowing the ‘good’ to be absorbed publicly), this leads to a self-fulfilling prophecy where precisely because we don’t see a real ‘private role’ beyond, it becomes under financed, but also under “imagined”. When a sector lacks imagination, it dies. It becomes irrelevant, and of course easier to attack. This vicious cycle is happening in Oman's private sector and it is contributing to its demise. Only when the vision becomes one of co-creating a new future, rather than allowing one side to pick up the pieces, while the other continues to make short-term gains, will we get out of the usual (‘everything needs to change, so everything can stay the same’). |
AuthorSharifa AlBarami Archives
February 2017
Categories |